VoyForums
[ Show ]
Support VoyForums
[ Shrink ]
VoyForums Announcement: Programming and providing support for this service has been a labor of love since 1997. We are one of the few services online who values our users' privacy, and have never sold your information. We have even fought hard to defend your privacy in legal cases; however, we've done it with almost no financial support -- paying out of pocket to continue providing the service. Due to the issues imposed on us by advertisers, we also stopped hosting most ads on the forums many years ago. We hope you appreciate our efforts.

Show your support by donating any amount. (Note: We are still technically a for-profit company, so your contribution is not tax-deductible.) PayPal Acct: Feedback:

Donate to VoyForums (PayPal):

Muhammad, the Prophet of God

Who is He?!

محمد رسول الله
صلى عليه الله و سلم
إذا ما سئلت في الغرب عن مصدر إعلامي حول سيرته

شبكة عجور الحاسوبية
Login ] [ Contact Forum Admin ] [ Main index ] [ Post a new message ] [ Search | Check update time | Archives: 12[3]4 ]

Subject: 2الصوفية في السياسة الأمريكية


Author:
No name
[ Next Thread | Previous Thread | Next Message | Previous Message ]
Date Posted: 13:00:29 03/21/08 Fri

مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية
إدارة البحوث والدراسات- وحدة دراسات العالم الغربي


فهم الصوفية
واستشراف أثرها في السياسة الأمريكية



أعد التقرير
توبياس هيلمستروف وياسمين سينر وإيميت توهي
Tobias Helmstrof, Yasmin Sener and Emmet Touhy

تحرير : زينو باران Zeyno Barab
تقرير مؤتمر صادر عن
مركز نيكسون ، مارس 2004م
واشنطن دي سي –الولايات المتحدة الأمريكية

ترجمة وتقديم
د.مازن مطبقاني
وتمثل الصوفية في آسيا الوسطى كما في غيرها من المناطق الجوانب الكومزبولتية والفكرية والروحية في الإسلام القادرة والراغبة في أن تتواصل مع الأديان والثقافات الأخرى (وبخاصة الأديان الإبراهيمية) وقال فاغفوري إن تاريخ الصوفية في آسيا الوسطى يؤيد هذه النقطة حيث واجهت عند دخولها المنطقة أدياناً متعددة وتقاليد دينية من الزرادشتية إلى العدمية الشامانية ومع ذلك فإن الصوفية قبلتها جميعاً بصفتها أشكالاً مختلفة لحقيقة واحدة وعاملتهم باحترام (وبالتالي نالت احترامهم). وحيث إن الصوفية انتشرت أساساً عن طريق التجار والعلماء الرحالة فقد كانت قادرة على الوصول إلى جمهور لديه الاستعداد في المناطق الحضرية والريفية. وحالما تأسست ظلت دون تغيير قرون عدة، ولاحظ فاغفوري أن شبكات الأخوة الصوفية المنظمة التي كانت ذات شعبية في أواسط آسيا منذ القرون الوسطى استمرت حتى عام 1988م في ممارسة تأثير كبر في المسلمين ومن هذه الطرق تعد النقشبندية الأكثر شعبية ويتبعها القادرية والخلوتية والعيسوية.
وعلى الرغم من فشل العديد من الحركات ضد روسيا القيصرية خلال القرن التاسع عشر فإن الإسلام استطاع البقاء في الإمبراطورية الروسية وفيما بعد في الاتحاد السوفيتي، وهذا راجع أساساً إلى قوة شبكات الصوفية وبخاصة الطريقة النقشبندية، ووفقاً لإحصائيات عام 1970م فإن خمسمائة ألف من بين سبعة وعشرين مليونا كانوا أعضاء في الطرق الصوفية، وقد تجنبت بعض الطرق الصوفية الأقدم بما فيها القادرية والشيشتي العمل السياسي المباشر ولكن الآخرون مثل النقشبندية انغمسوا في الحياة السياسية الروسية خلال الجزء الأخير من القرن التاسع عشر.
وعموماً كان تنظيم الطرق الصوفية مؤثراً بدرجة عالية في نشر المفاهيم الدينية وكذلك الثورة والمقاومة المسلحة، وخلال كل تلك السنوات ظلت اللغة الفارسية الأداة الأساسية للاتصال (وبخاصة الشعر الصوفي)، ويعتقد فاغفوري أن هذا الاتجاه سوف يستمر بناء على الأدلة ويكسب قوة في السنوات القادمة. ففي طاجكستان هناك اهتمام خاص باللغة الفارسية وشعرها كما يشير إلى ذلك الطبعات الجديدة من الدواوين والنصوص الصوفية.
وحث فاغفوري الحضور أن يدركوا أن الصوفية قادرة على لعب دور مزدوج في العالم الإسلامي المعاصر؛ فهي تستطيع أن تكون جزءاً من بناءً من العملية السياسية حيث إنها قادرة على "أسلمة" الديموقراطية من جهة، ومن جهة أخرى هي قادرة على "دمقرطة "الإسلام. وتستطيع أن تسهم في الاستقرار السياسي في إيران وفي أواسط آسيا وذلك بتحقيق تفاهم بين المجموعات السياسية المتنافسة والأحزاب والتسامح المطلوب جداً. ويمكن للصوفية أن تصبح عنصراً مهماً في علاقة إيران بالعالم الخارجي على الصعيد الفكري والروحي والثقافي والسياسي، وذلك لثراء تراثها في الثقافة الإسلامية الفارسية حيث يستطيع التصوف الفارسي أن يعمل كمصدر للإلهام للمجموعات والحركات الأخرى فيما وراء إيران في أماكن مثل طاجكستان والشيشان، وبهذا النطاق يستطيع التصوف أن يوفر إمكانات لعلاقات إيران مع جمهوريات آسيا الوسطى وكذلك أفغانستان وبصفة خاصة مع مناطق مثل البلقان وسمرقند وهرات وخوارزم.
واستمر فاغفوري محذراً بأن الصوفية في كل أنحاء العالم الإسلامي تواجه هجوماً من جهتين الأولى هي المجموعات التحديثية التي تنتقد الصوفية لأنهم يعدون التصوف سلبياً وضعيفاً أمام القوة وفي الصراع مع طريقة العيش المعاصر. والجهة الثانية هي الأصولية التي ترى أن التصوف مخالف للإسلام المحافظ. ويرى الصوفيون أن هذين الطرفين وجهان لعملة واحدة لأن كلا المجموعتين (بعلم أو بغير علم) تشتركان في أدلجة الإسلام مستخدمين الإسلام بصفته أيديولوجية سياسية للوصول إلى أهدافهم.

الدكتور تشالز فيربانكس Charles Fairbanks
ركز فيربانكس على الصوفية في شمال وجنوب القوقاز مناقشاً بأن النخبة الصانعة للسياسة الخارجية الأمريكية تعاني من قصور في حربها ذات الطبيعة شبة الدينية على الإرهاب، وبالإضافة إلى ذلك فعلى الرغم من قيام دراسات ممتازة حول جذور الإرهاب في الشرق الأوسط. وهذا العمل على الرغم من أن له تأثير لكنه يستمد جذوره التاريخية من التنوير الألماني في القرن الثامن عشر؛ فأحفاد علماء اليوم كانوا في الغالب أبناء وأحفاد قساوسة بروتستانت وبالتالي فإن فيربانكس يرى أن الدراسات الحديثة قد خدمت عن طريق غير مباشر العمل التاريخي لمعاداة المشيخة والذي وضع عقبة أخرى يجب التغلب عليها لتطوير فهم أفضل لجذور الإرهاب.
وبعد ذلك كله إذا نظر الإنسان نظرة أطول إلى التاريخ فيمكن أن يرى بأن الدراسات الحديثة قد ساعدت في الحلول مكان الكومنولث النصراني في القرون الوسطى (وإلى درجة أقل حلت محل الأمة الإسلامية) من قبل الدولة القومية العلمانية الحديثة. وما تزال الدراسات تميل إلى أن تكون مصبوغة بالبروتستانتية وبخاصة في دول لديها تقاليد بروتستانتية. والدراسات الحديثة أيضاً متحيزة لأن معظم المتخصصين في الإسلام والناطقين بالغة الإنجليزية يرجعون إلى شبه القارة الهندية حيث اندمج التيار السلفي أو المعادي مع التيارات الوهابية.
ومع ذلك فهناك تعميمان صحيحان يمكن تطبيقهما على الصوفية في القوقاز: الأول فالقوقاز –ما عدا المناطق الشيعية في أذربيجان- هي حقاً جزء من العالم الإسلامي حيث الاندماج بين الشريعة والتصوف بريادة أبي حامد الغزالي الذي كان ناجحاً جداً وفي شمال القوقاز وعلى الأقل حتى دخول الوهابيين من الخارج كان هناك تداخل بين الصوفية والعلوم الإسلامية، فقد كان كل شيوخ الصوفية يتمتعون بتعليم جيد وقبل الحكم الشيوعي فقد كانت لغة الداغستان والشيشان هي العربية، وبعد عام 1991م اكتشف الباحثون الفرنسيون والروس قرى صغيرة في داغستان بالقرب من حدودها مع جورجيا حافظت على تقليد نشط لتدريس اللغة العربية والعلوم الإسلامية سراً خلال العهد السوفيتي.
وناقش فيربانكس بعد ذلك الوجود النقشبندي في القوقاز الذي أدخل إلى المنطقة في القرن الرابع عشر وتم تقويته فيما بعد عن طريق الطريقة الحقانية المتفرعة من النقشبندية والتي كانت مسيطرة في القرن التاسع عشر، وقد حدث هذا على أعتاب نهضة رئيسية يطلق عليها فيربانكس "الصوفية السياسية" والتي لم يتم تحليلها تحليلاً كافياً على الرغم من أهميتها كظاهرة. وفيما بعد في هذا القرن بدأت الطريقة الحقانية النقشبندية بمواجهة الإمبريالية الروسية وتم ربطها الصراع الأوسع ضد الاستعمار. وقد أصبح شمال شرق القوقاز: إنجوشيا والشيشان وداغستان وأجزاء من أذربيجان مكاناً مثل بولندا وليتوانيا وأيرلندا حيث اندمج الدين بالقومية.
كان هناك أربعة أئمة في شمال القوقاز ابتداءً من 1829م وكان الأخير والأهم هو الإمام شامل الذي تم اختياره في عام 1832م، وقد قام بحملة ناجحة جداً (جهاد) ضد روسيا تماماً على مثال الجهاد الناجح الذي قاده زعماء مثل عبد القادر (صوفي من الطريقة القادرية) في الجزائر عام 1830م، والجهاديين الأفارقة في عام 1840م مثل عثمان دان فوديو في نيجيريا والنيجر، وكان هناك تدفقاً كبيراً للصوفية الجهادية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وأصبح الإمام شامل رجلاً مشهوراً جداً، وأشار فيربانكس بأن أهميته زادت كثيراً بعد وفاته خلال حملات الإبادة في عهد ستالين بعد الحرب العالمية الثانية، وحتى أبناء من قاتله في داغستان والسشيان احتفوا به كبطل قومي، وكان له تأثير كبير في العالم.
وعلى الرغم من أن وضع الإمام شامل كان قريباً من الشريعة فإن الحكم السوفيتي القاسي كان له تأثير ضخم في إبقاء ذكراه حية، وفي هذه الفترة كان القرآن لا يكاد يطبع، ولم يكن الحديث متوفراً إلاّ إذا كان الإنسان قد دفن نسخة في حديقة منزله الخلفية وكانت المدارس الابتدائية مضطهدة في العشرينيات والثلاثينيات. وقد أغلقت كل المدارس وكل مؤسسات التعليم الثانوي الإسلامي أو التعليم الإسلامي العالي في أواخر العشرينيات. وقد بدأت مدرستان إسلاميتان لتعليم مشوه ومنهاج مختصر مرة أخرى عام 1952م على نطاق ضيق، واستمر التعليم بالعربية سراً فقط أو بعد فحص شديد من الحكومة في معهد الاستشراق في موسكو وليننقراد وأماكن أخرى قليلة. ونتيجة لذلك تناقص العلماء تناقصاً كبيراً فمثلاً انخفض الرقم في بخارى من خمسة وأربعين ألفاً في وقت الثورة الروسية إلى ثمانية آلاف في عام 1955م.
ودُفعت الصوفية إلى السرية (بسبب الإمام شامل)، وحرمت من الاتصال بالعلوم الإسلامية حتى أصبحت جزءاً من الفولوكلور وأكثر محلية وأكثر عرقية وأكثر "وثنية" (هذا الاتهام يطلقه السلفيون) والذي كان له تأثير دولي على الطريقة أو الطرق، فبدون تعليم الإسلام فإن التفريق بين التلاميذ والذين يتطورون ليصبحوا خلفاء للشيوخ قد تعطل. وبالتالي انهار الارتباط والتراتيبية مع الطرق الصوفية العالمية. ونظراً للحاجة إلى السرية فلم يكن ثمة بنايات خاصة يجتمع فيها المتصوفة أو يعيشون، والصوفية سواء النقشبندية أو القادرية تم توارثها من الوالدين. وقد أصبحت الصوفية مؤسسة اجتماعية وجانباً من الحياة الاجتماعية والأسرية للشيشان وبخاصة الداعستانيين في الشمال الغربي أكثر من أن تكون طريقة حقيقية يختارها الإنسان. ولا يختلف التلاميذ ولا المعلمين(الملا) بوضوح في المظهر أو الممارسات من المجتمع المحيط بهم، وهذه هي نقطة البداية للوهابيين التي استولت على الأبعاد السياسية الإيديولوجية للإسلام.
وختم فيربانكس القول بأنه ليس ثمة إسلام سياسي ذي طبيعة صوفية في شمال القوقاز، مضيفاً أن الصوفية ليست هي التي يجب أن يخشاها الغرب في القوقاز حيث يمكن للصوفيين أن يحاربوا روسيا ومعظم المقاتلين الشيشان مازالوا صوفيين، ولكنها قضية شخصية فهم لا يريدون أن يموتوا من أجل عالم الجهاد مثل رفاقهم المتأثرين بالوهابية.

ألكس ألكسييف Alex Alexiev كبير باحثين في مركز دراسات السياسات
ركز ألكسي ألكسييف على الصراع بين الصوفية والوهابية، وكما أشار المتحدثون الآخرون فهذه المشكلة ليست جديدة فهي ترجع إلى بداية الوهابية، ولكن المشكلة في القوقاز جديدة لأنه حتى وقت قريب جداً لم يكن هناك وجود للوهابية، وبعد سقوط الشيوعية انتعشت الصوفية ووفقاً لمسؤول داغستاني فإن ستين بالمائة يعرّفون أنفسهم بأنهم صوفيون كما يوجد أربعين طريقة صوفية مسجلة، وليس من المبالغة القول إن الصوفية تستعيد دورها التاريخي في شمال القوقاز، ولكن صعود الوهابية يظل أكثر وضوحاً.
وناقش ألكسييف بأن مشكلة الصوفية والوهابية تمثل جزئياً صراعاً أكبر بين الأصولية والصوفية على جوهر الإسلام، وثمة اختلاف مهم بين الاثنين هو في تفسير الجهاد؛ ففي الصوفية يعني الجهاد بذل الجهد من أجل التطهير الروحاني الشخصي بينما يمثل لدى الوهابيين الصراع من أجل انتصار عالمي للإسلام، وشبيه بذلك تعد الولاءات التقليدية والعشائرية والقومية مهمة للصوفية، بينما يرى الوهابيون هذا التفكير على أنه غير إسلامي، ويجادلون أن الإنسان يجب أن يسعى من أجل جمهورية شمال القوقاز الإسلامية أولاً وبعد ذلك يتطلعون إلى انتصار الأمة في العالم كله.
ووفقاً لذلك صرح ألكسييف أنّ التأثير الوهابي يخدم تأجيج الصراعات الموجودة في المنطقة؛ فبالنسبة للشيشان يعد الهدف الأساسي لصراعهم المسلح هو الحصول على الحكم الذاتي وربما الاستقلال، بينما لدى الوهابيين أهداف مختلفة، فقد بدأت مع التوسترايكا عام 1986م عندما أعطي المسلمون المحليون لأول مرة حرية أن يكونوا مسلمين مرة أخرى ، وعندما أصح السفر إلى روسيا أسهل وسمح للمبشرين السعوديين أن يدخلوا البلاد وكانت الظروف في المنطقة ملائمة بطرق عدة لنمو الإسلام المتطرف ومن هذه الظروف الفقر الشديد والضياع بين المسلمين وحكامهم المتعاونين.
ومع ذلك يرى ألكسييف أن ما جعل انتشار الوهابية أكثر درامية هو المال والكثير منه، يقول السعوديون أنهم أنفقوا ثمانين بليون دولار في مساعدة النشاطات الإسلامية حول العالم منذ منتصف السبعينيات والتي أنفق جزء مهم منها في شمال القوقاز، ولكن كم أنفق بدقة أمر غير معروف ولكن كإطار مرجعي يمكننا أن ننظر إلى البوسنة فقد أنفق السعوديون ستمائة مليون دولار في التسعينيات أي حوالي ثلاثمائة دولار لكل مسلم، وهناك مائة وستون مسجداً وهابياً ومدارس لا يمكن إحصاؤها والعديد من المؤسسات الإسلامية المتطرفة، وفي قلب منطقة إسلامية معتدلة. والشيء نفسه حدث في شمال القوقاز على الرغم من عدم وجود أرقام دقيقة فالمساجد الوهابية والمدارس موجودة في كل مكان. ولاحظ ألكسييف أن كل الصحف الإسلامية والمنظمات الإسلامية هي من النوع المتطرف في هذه المنطقة وبالفعل كل هذا النمو كان بتمويل سعودي.
وهكذا أسس الوهابيون مجتمعاً صغيراً ولكنه قوي جداً يتألف من خمسة في المائة من سكان شمال القوقاز. إن دخولهم المنطقة أدى إلى جعل المقاومة الشيشانية متطرفة إلى درجة أن أصبحت دعوة مسلحة للوهابية، وبالإضافة إلى الهجوم على الروس فإنها هاجمت الصوفيين فبدأوا يهدمون الأضرحة الصوفية متهمين شيوخ الصوفية بالبدعة وإعلان أن الصوفية كفار. وبعد أن تعرض غزو الوهابيين للداغستان للصد من قبل السكان المحللين بمساعدة الجيش الروسي في أغسطس 2000 منعت الوهابية، ويبدو الآن أن الغزو المفتوح تحت السيطرة ولكن الاهتمام به مازال قائماً سرياً.

مناقشات فترة الغداء الرئيسية
برنارد لويس:
ما سأقوله الآن هو جزئياً نتيجة لما سمعته اليوم وجزئياً نتيجة تأملاتي لهدف اجتماع اليوم وهو يناقش هذه علاقة هذه الأسئلة العملية بالسياسة الخارجية والأمن القومي والعلاقات الدولية وسأقدم ثلاث نقاط:
النقطة الأولى حول الاتصالات؛ فنحن نتحدث ليس عن علاقات بين دول ولكن بين مجتمعات وثقافات وأديان وحضارات، وخلال التاريخ البشري كله وجدنا سوء فهم مستمر وفشل في القراءة والفهم والتقدير لما يحدث في الجهة المقابلة من السور. ونحن جميعاً على الجانبين نصل إلى الميل إلى إجهاد أنفسنا ونفترض أنهم يفعلون ما سنفعله نحن وأن ردة فعلهم تشبه ردة فعلنا وأنهم يعنون الأمر نفسه كما نعني نحن إذا قلنا الشيء نفسه، أحياناً هذا الأمر صحيح ولكن غالباً ما يكون شديد الخطأ.
ودعوني أفصل أكثر أولاً لا بد أن المسألة الأولى الأساسية في الاتصال اللغة والترجمة. لقد أدركت منذ مدة طويلة عندما بدأت أبحث في بدايات العلاقات التركية الإنجليزية في أواخر القرن السادس عشر. لقد كان هناك العديد من الوثائق في الأرشيفات التركية والبريطانية، وكثير من الرسائل المتبادلة بين الملكة إليزابيث والسلطان مراد. ولم يكن ثمة شخص واحد في بريطانيا يعرف التركية، ولم يكن هناك شخص واحد يعرف الإنجليزية في تركيا. ولذلك انطلقوا في الترجمة على مرحلتين، فإذا ما قارن أي إنسان الوثائق الأصلية في الجهتين فإنه سيرى نموذجاً من الترجمة الخاطئة المقصودة والمنظمة، فالسلطان في ذلك الزمان سيد العالم يكتب إلى المملكة رسالة ودية "سوف تستمرين في الخضوع لسلطاننا في العالم"، ولكن الترجمة الإنجليزية وصلت إلى الملكة تقول: "نعتمد على استمرار صداقتك ونيتك الحسنة" والإجابة لا شك تم تعديلها بالطريقة نفسها.
وقد أتيحت الفرصة لي قبل ثلاثين سنة تقريباً لملاحظة تقارير عن الاستماع للإذاعات العربية وكان ها قبل بدأ التسجيل وكانت الخدمة الوحيدة المتوفرة هي تقارير الاستماع التي تعدها حكومات متعددة لبعض الأغراض، ولكنها كانت تعد بشكل أو بآخر. فقد كانت إذاعة لندن BBC تعد تقارير استماع عن الإذاعات الرسمية العربية، وكانت إذاعة صوت أمريكا تفعل الشيء نفسه للأخبار الأمريكية، وكانت النسخ متوفرة أيضاً. وعند المقارنة بينهما وجدت أن تقارير الاستماع البريطانية استخدمت التحرير المنظم بحذف كل ما هو مسيئ للقارئ الإنجليزي، مع الإبقاء على كل ما هو معاد لأمريكا. وفي التقارير التي أعدت في أمريكا حدث العكس تماماً حيث تم حذف ما هو معاد لأمريكا وبقي ما هو معاد لبريطانيا. ويحدث الشيء نفسه اليوم إذا أخذت النصوص المكتوبة للخطب. وقد نشرت خطب الرئيس جمال عبد الناصر في كتاب وتستطيع أن تقارن بين الأصل العربي والترجمة الإنجليزية فهناك نموذج من الترجمة الخاطئة تؤثر في كل أنواع الاتصال.
والجواب بالطبع هو تعلم اللغات، ويبدو أننا نرى تراجعاً بدلاً من التقدم، فعندما كنت طالباً جامعياً في بدايات القرن العشرين كنت أتعلم العربية؛ ففي السنة الثانية كان من المتوقع أن نقرأ نصوصاً في اللغة العربية الفصحى من النثر، وفي السنة الثالثة كنّا نقرأ القرآن والحديث، بينما في هذه الأيام نشعر بأننا قد فعلنا الكثير حيث كان الطالب في السنة الرابعة يستطيع أن يقرأ مقالة في صحيفة بتعثر. إن هذا بسبب تغير نمط الدراسة، إنها صعوبة وليس لدي أي اقتراح لحلها، فالسؤال ليس فقط الترجمة من لغة إلى أخرى ولكن السؤال يتعلق بالفهم.
ففي أوروبا النصرانية كانت هناك محاولة منذ المراحل الأولى لفهم شيء حول الإسلام وحول اللغة العربية الكلاسيكية والدين الإسلامي وهكذا، وهذا يعود إلى فترة العصور الوسطى العليا ومبني على اهتمام عملي حيد، وفوق ذلك كان الإسلام المسلح يغزو أوروبا وشعر الأوروبيون أن عليهم أن يفعلوا شيئاً واستمرت دراسة الإسلام بعد أن تراجع تهديد الغزو ومنذ القرنين السادس عشر والسابع عشر كان هناك كراس للغة العربية في الجامعات الأوروبية، فقد أنشئ أول كرس للغة العربية في فرنسا في كلية فرنسا في بداية القرن السادس عشر، وكان أول غزو فرنسي إمبريالي للعالم العربي عام 1798م لمصر، وكان المستشرقون الفرنسيون ذوي نظر بعيد، كما كان الإمبرياليون الفرنسيون نشطون. وأهم من ذلك كله إنهم تعلموا اللغة العربية وأسسوا كراس للغة العربية لأن اللغة العربية كانت لغة كلاسيكية ولغة النصوص المقدسة وبالتالي تستحق أن تأخذ مكانها بجوار اللغة اللاتينية واليونانية واللغة العربية المكتوب بها الكتاب المقدس في الجامعات، ولكنهم لم يؤسسوا كراس للغة الفارسية أو التركية، وذلك لنفس السبب أنهم لم يؤسسوا كراس لتدريس اللغة الإنجليزية أو الفرنسية. فاللغات العامية لم تكن مناسبة للدراسة الجامعية واستمروا في محاولة فهم الإسلام ولغته وعقيدته والتي نطلق عليها "الاستشراق".
ومع ذلك فليس هناك ما يقابله وهو "الاستغراب" وعلى الجانب الآخر نجد نقصاً كاملاً في الاهتمام بأوروبا حتى فرض هذا الاهتمام من خلال الهزيمة والاحتلال، وحتى بعد ذلك فالاهتمام منصب على القضايا المعاصرة، فبينما تعلم المستشرقون اللغة العربية الكلاسيكية ودرسوا القرآن فالشرق أوسطيون الذين درسوا اللغات الأوروبية انصب اهتمامهم على المشكلات المعاصرة. فهناك على سبيل المثال بحلو القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كتابات كثيرة حول القانون الإسلامي والعقيدة الإسلامية من قبل الأوروبيين النصارى (واليهود) ولا أعرف أي دراسة جادة للعقائد النصرانية من قبل علماء مسلمين يبدو أن الأمر لا يبدو مثيراً للاهتمام أو مهماً، إنه اختلاف في الفهم.
إنني من جيل تربى في بلاد ما زالت النظرة النقدية للمجتمعات الأخرى مسموح بها ، والنظر المتعاطف مع المجتمع الذي ينتمي الإنسان إليه، وأدرك أنه لم يعد مسموحاً بأي من الاتجاهين الآن. هذا الاختلاف هو بالتأكيد عنصر مهم في صعوبة الاتصال التي ما تزال موجودة، بل إنها تزداد في القوت الحاضر.
سأتحول الآن إلى النقطة الثانية وهي وصول الوهابية، لقد سمعنا الكثير عنها في هذا الاجتماع ولكن ثمة نقطة مهمة ما تزال تحتاج إلى توضيح، فالوهابية ذات مكانة مركزية بالنسبة للتقاليد الإسلامية، ويمكن أن تكون مثل جماعة كوكس كلان في النصرانية، والفرق الكبير في التأثير بين المجموعتين هو بسبب مبررات الظروف التي بكل سرور لم تحدث في العالم المسيحي. إن تحول أسرة آل سعود وشيوخ القبائل المحليين في حاجة إلى المعتقدات الوهابية والقرن الثامن عشر وتأسيس المملكة العربية السعودية في العشرينيات من القرن العشرين والتي ضمت مكة والمدينة والأسوأ من ذلك كله اكتشاف النفط. وهذا كان يعني أنه فجأة أصبحت المملكة الوهابية مغمورة بمال النفط وسيطرت على أقدس مكانين في الإسلام مع كل ما حصلت عليه من مكانة ظهر واضحاً في السيطرة على الحج.
يجد الغربيون صعوبة كبيرة في فهم أهمية الحج لأنه ليس لدى النصرانية أو التاريخ الغربي ما يماثله. لقد قام النصارى بالحج ولكنهم كانوا يقومون بذلك بشكل رحلات فردية في الوقت الذي يناسب الفرد، بينما الحج عند المسلمين عمل جماعي يحدث في وقت معين من السنة ويحضره مسلمون من كل أنحاء العالم. وقد أوجد الحج مستوى من الاتصال ليس له ما يماثله في العالم النصراني حتى اختراع وسائل الإعلام الجماهيرية المعاصرة. ففي كل سنة يأتي المسلمون ويشتركون في شعائر مشتركة وطقوس ويتبادلون الأفكار والمعلومات. وهكذا فهناك درجة من الاتصال التفاعلي في العالم الإسلامي خلال الحج وأهمية هذا الأمر لا يمكن المبالغة فيها. وحالما استولى آل سعود على هذا أصبح كل هذا تحت سيطرة الحكام الوهابيين، وإذا أضفنا إلى ذلك ارتفاع الثروة بسبب النفط كانت النتيجة تحولهم إلى قوة عالمية والتي بدون ذلك كانوا سيبقون طائفة متطرفة في بلد هامشي.
والأمر الثالث الذي أود الحديث عنه هو الصوفية وأود أن أتحدث عن نقطة أو نقطتين. نحن نتحدث في هذه الأيام كثيراً حول "التسامح" ونسمع كثيراً عن تراث التسامح الذي وجد في إسبانيا الإسلامية في القرون الوسطى، دعوني أوضح ما يعني هذا. إن التسامح جوهرياً مثال غير متسامح. ماذا نعني عندما نقول تسامح؟ إنها تعني أساساً : سأسمح لك ببعض الحقوق وليس كل الحقوق التي أتمتع بها مادمت تتصرف وفق القوانين التي وضعتها" أعتقد أن هذا تعريف معقول للتسامح كما مورس في أوروبا ومناطق أخرى من العالم. من الواضح أن هذا أفضل من اللاتسامح. إذا قارن الإنسان التسامح الذي منحته الإمبراطورية العثمانية في أوجها مقارنة بما كان في أوروبا فإن الإمبراطورية العثمانية كانت أفضل بكثير. ولكن مع ذلك فإن هذا التسامح هو ما يمكن أن نطلق عليه في لغتنا المعاصرة مواطن من الدرجة الثانية، وهذا بوضوح أفضل من لا تسامح على الإطلاق.
ولكن الصوفية رائعة، إنها تقدم شيئاً أفضل من التسامح، إن الموقف من الآخرين من الأديان الأخرى كما تعكسه الكتابات الصوفية لا مثيل له. إنه ليس مجرد تسامح إنه القبول. هناك قصائد لجلال الدين الرومي وابن العربي باللغة الفارسية والتركية تشير إلى أن الأديان جميعها أصلها واحد. وكل الأديان لها هدف واحد ورسالة واحدة والتواصل نفسه. وهم يعبدون الإله نفسه. يمكنهم فعل ذلك بطرق مختلفة. ولكن الله موجود في الكنيسة وفي المسجد وفي الكنيس بدرجة واحدة. يبدو لي أن فكرة القبول المتميزة عن مجرد التسامح هي مساهمة عميقة ولا تزال تستطيع أن تلعب دوراً أفضل في تأسيس علاقات أفضل بين المجتمعات في الوقت الحاضر وفي المستقبل. إذا نظرت إلى الوصايا العشر تجد أن معظمها تهتم بالصلات بين البشر بينما جزء بسيط منها يهتم بالعلاقة بين البشر وبين الله. إنّ معظمها حول ما يجب عدم فعله لإخوانك في الإنسانية. أما في النصوص الإسلامية الشائعة ترى العكس تماماً إنها تهتم أساساً بالعلاقات مع الله أكثر من اهتمامها بالعلاقات بين البشر، والصوفية مرة أخرى أحدثت تغيراً مهماً في هذا الاتجاه. إنها أيضاً مهتمة إلى درجة كبيرة بتصرفات الإنسان تجاه الناس الآخرين وليس فقط علاقة الإنسان مع الله. وهناك صوفي هندي هو الشيخ سارافادين الذي أوضح ذلك بصورة رائعة حيث يقول:" الإساءة للناس أسوأ من الإساءة لله، فإذا ارتكبت خطأً بحق الله فلن تضر الله ، ولكن الله يستطيع بطريقته أن يغفر لك، ولكن إذا أخطأت بحق الآخرين فأنت تضرهم بالفعل، والذي يمكن أن لا يكون قابلاً للإصلاح. إن مسألة العفو تصبح عندئذ أكثر تعقيداً. يبدو لي أن هذا إنجاز مهم للحوار الأخلاقي لأعلى القيم.
والنقطة الأخيرة بخصوص بعض جوانب السياسة الخارجية الأمريكية والذي هو موضوعنا الأساس، هناك تقليد مشهور في الشرق الأوسط يعود إلى عهد الحرب الباردة؛ فكل واحد يعرف أنك إن قلت أي شيء يزعج الروس فإن العقوبة ستكون سريعة وقاسية، ومن جهة أخرى لو قلت الشيء نفسه ضد الأمريكيين فإنه ليس فقط لن يكون هناك عقوبة ولكن ربما حدث العكس، وربما نلت بعض الجوائز، حيث إن العملية القلقة لدى الدبلوماسيين ورجال الكونجرس والصحفيين وآخرين تأتي متتالية تقول: ماذا فعلنا للإساءة لك، وما ذا نستطيع أن نفعل لتصحيح ذلك؟ هذان الطلبان هما الأساس للسياسة الخارجية، ولذلك فإن الناس في الدوائر الرسمية يجدون صعوبة للملاءمة مع حركة ودية، وعادة فإن الموقف الأساس :" يجب أن لا نقترب كثيراً من أصدقائنا خوفاً من إزعاج أعدائنا. ولا أعتقد أن هذا شكل مناسب من الدبلوماسية."

الشيخ هشام قبّاني:
قال الرومي :"أنا مسلم ولكن لا أعرف إذا ما كنت كذلك، ولا أعرف إذا ما كنت نصرانياً أو يهودياً، أو نمساوياً أو شرقياً أو غربياً أو عُلْوياً أو سُفْلياً. لا أعلم إذا كنت من العناصر الأربعة للعالم. لا أعرف إذا كنت من الجنة أو من الأرض. لا أعرف إذا كنت هندياً أو صينياً أو بلغارياً. لا أعرف إذا ما كنت عراقياً أو سورياً ، ولا أعرف إذا ما كنت روشوهان أو أسوهان، لا أعرف هل أنا من هذا العالم أو ذاك، ولكن أنا جسد وروح، وذاتي هي روحي وعندما أقول اثنان فهذا يعني أنا والله....
وقال ابن عربي "أصبح قلبي انعكاساً لكل صورة ، إنه مكان لدرويش ليرقص فيه، إنه دير لقس ليتعلم فيه إنه منزل للجميع للعبادة، إنه كعبة للحج، إنه الوصايا العشر التوراتية، إنه القرآن الكريم، إن ديني هو دين الحب وحيثما أوجه قلبي إنه حب الله"
نرى من هذه القصائد أن الصوفية تعمل بصفتها قوة اجتماعية لتقريب الناس، إنها جسر بين الثقافات المختلفة والذي يفسر جزئياً نجاح الصوفية في معظم أنحاء العالم. إن هدف الصوفية الأساس لم يكن أبداً أن يصبحوا قادة لأي بلد، ولكن أن يصبحوا العمال الاجتماعيين. إنهم يمتزجون بسكان البلد ويتعلمون لغاته، إنهم يوفرون الاتصالات بين الناس وبخاصة في الماضي عندما لم يكن هناك تأشيرات دخول. لقد بدأوا التزاوج المختلط ولكن بطرق أخرى بنوا تفاهماً بين أنوعا مختلفة من الشعوب.
إن الله يأمرنا أن نؤمن بالأنبياء وأن نؤسس علاقات مع اليهود والنصارى" لا تحقرونهم" فعند ذلك تتضاعف المشكلات الاجتماعية، إنه يخبر المؤمن أن يعبد الله كأنه يراه حتى لو تره فإنه يراك، وهذا يعني أنك لن تستطيع أن تراه ولكن تستطيع أن ترى آياته في الكون، والصوفيون يقرؤون هذا بطرق مختلفة، فإذا لم تعد ترى نفسك إذا ألغيت رغباتك تماماً عندئذ تستطيع أن تراه، وزيادة على ذلك من المؤكد أن تراه في كل فرد يحب أن يرى الله في كل إنسان، وهكذا فإن التعليمات الصوفية ترى كل شخص في خلق الله كشخص خلقه الله. وبالتصرف بهذه الطريقة فإن الصوفيين لا يمكن اتهامهم باللامسؤولية أو السلوك السيئ.
لقد قال أحد المستشرقين الأوائل في أوروبا إن الصوفيين ليسوا بحاجة إلى نشر حبهم القلبي بالسلاح، فليس لديهم جيش ولكنهم يستخدمون أدواتهم الروحية في علاقاتهم بالآخرين. وبناء على ذلك كسبوا أعداداً هائلة لطريقتهم في آسيا الوسطى وفي إندونيسيا وجنوب شرق آسيا وتركيا وحتى أوروبا. وهذا لا يحدث اليوم لأن الإسلام أصبح مرتبطاً بالقومية ففي بداية القرن العشرين وخلال ظهور الاستعمار الأوروبي في العالم الإسلامي سعى العلماء المسلمون لتفسير القرآن الكريم بطريقة للحصول على أقصى تأييد للنهوض، لقد أهملوا كليا الجوانب الروحية (والصوفية) للدين من أجل القيام بهذا الصراع، وقد كسبت المقاومة الوهابية بالتالي الحق للتحدث باسم العالم الإسلامي.
ونقطة أخرى أود إثارتها وهي الفرق بين الوهابيين والسلفية، فليس ثمة مصطلح في الإسلام اسمه "السلفية" هذا المصطلح يمكن إطلاقه فقط على القرون الثلاثة الأولى من الإسلام يطلق عليهم السلف الصالح، وبعد ذلك لم يستخدم المصطلح حتى عام 1980م عندما قال الملك فيصل في افتتاحية مؤتمر بمجادلة منه أن يرفع الشرعية الدينية "نحن لسنا وهابيين، نحن سلفيون" والآن يستخدم هذا المصطلح لوصف كل المجموعات المسلمة المتطرفة الجديدة مثل الإخوان المسلمون وحزب التحرير.
لقد كنت في إندونيسيا قريباً وقابلت شخصاً من الصين، لقد أخبرني أن الحكومة الصينية تغلق كل المساجد الوهابية. وسألت من أي نوع من المسلمين أنت؟ فقال أنا صوفي أوجري، وليس للحكومة أي اعتراض مادمنا لا نتدخل في السياسة. إن المشكلة الوحيدة التي نواجهها في الصين سببها الحج. اعتدنا أن نذهب إلى السعودية بالآلاف وكان الحجاج يقابلون في جدة من قبل وهابيين يقدمون لنا بعض الكتيبات، وبعد قليل أغطي الجميع دورات سريعة في الوهابية، وعادوا ليهدموا أضرحتنا ويحرقوا مخطوطاتنا، وهكذا فإن الحضارة الصينية الإسلامية التي بلغ عمرها ألفاً وأربعمائة سنة تدمر من قبل الوهابيين. إذا استطاع الوهابيون اختراق الصين المغلقة تخيل ما تستطيع أن تفعله في الولايات المتحدة الأمريكية. فقبل عام 1960م لم يكن هناك مشكلة في الولايات المتحدة وجاءت بعد ذلك التعليمات الوهابية وسبب ذلك أن معظمكم هنا يعتقد أن الصوفية نوع غريب من الإسلام. ولكن في الحقيقة عندما تسافر إلى مناطق أخرى من العالم تجد أن الصوفية جزء أساس من الدين. ففي إندونيسيا هناك خمسين مليون تلميذ نقشبندي وعشرون مليون من طرق أخرى، وهناك أعداد مشابهة في ماليزيا وبروناي وتركيا وحتى في السعودية هناك صوفيون يمارسون تصوفهم في بيوتهم لأنهم لا يستطيعون فعل ذلك علناً.
ووفقاً لذلك نواجه السؤال التالي: هل نحن بصفتنا أمريكان سنؤيد الصوفية أو نعم مع الوهابيين. فإذا اخترنا الأخير، فإن تلك مخاطرة أننا نعمل مع الإرهابيين، مع أنه ليس هناك أي خطر في التعامل مع الصوفيين. ببساطة يجب على الولايات المتحدة أن تتواصل مع المسلمين غير الوهابيين إذا أردنا أن ننجح في هذه المعركة. إنه وضع غير ممكن فيه تقبل الخسارة.
المناقشة:
سئل الشيخ قباني فيما إذا كان على الولايات المتحدة أن تدعم الطرق الصوفية في المناطق التي تواجه اضطراباً مثل الشيشان إذا افترضنا أن الصوفية لا تمارس الإرهاب. اقترح قباني أن تواصل الولايات المتحدة الضغط على الحكومة الروسية للتوصل إلى حل وأن تبلغ الروس أن المشكلة ليست بسبب الشعب الشيشاني ولكن الوهابيين الذين يستخدمون الرشوة وأساليب أخرى من التآمر والخداع وبذلك شجعوا العناصر المتصلبة من الشعب الشيشاني نحو التطرف. إن العرب المقاتلين الذين اخترقوا الشيشان من خلال داغستان أرادوا إخراج القيادة الشيشانية الصوفية وأن يؤسسوا حكومتهم الوهابية.
وسئل لويس عندئذ إذا كان يرى أن الشرق الأوسط سيتطور إلى النموذج الغربي العلماني الديمقراطي مع انفصال تام بين الدين والدولة وظهور الطبقة المتوسطة. وهنا دعا لويس أن يكون الإنسان واعياً بمسألة التعريفات وبخاصة كلمة "ديمقراطية" فما دامت الديمقراطية تعرّف تعريفاً مناسباً فإنه يرها في مستقبل الشرق الأوسط، أولاً في العراق ثم في المناطق الأخرى.
ولماذا كان لويس متفائلاً هكذا؟ أولاً أجاب بأن فكرة أن البعث قد جعل الديمقراطية أمراًَ مستحيلاً في العراق وسوريا وزائفة تماماً، وفسّر ذلك بأن نظام الحزب وصدّام حسين ليس لهما أي جذور مطلقاً في الماضي العربي أو الإسلامي. فهذا استيراد من أوروبا. ونستطيع أن نعيد ذلك إلى عام 1940م بالضبط. فعلى الرغم من استسلام فرنسا فإن حكومة فيشي المتعاونة حافظت على سيطرتها على المنطقة وفتحها لتأثير المحور، وإن حركة البعض ظهرت "لتتلاءم مع الأوضاع المحلية للنموذج النازي" وعندما مارس السوفيت التأثير على المنطقة قام البعثيون بالتحول من النموذج النازي إلى النموذج الشيوعي، وقرر لويس بأنه لم يعد هناك أي سبب لاتباع هذه النماذج في المنطقة.
وثانياً وبينما الظروف المحلية الحقيقية للمنطقة ليست ديمقراطية بمعنى قيام انتخابات ووجود مجالس تشريعية فإن هناك تقليد للحكومة المسؤولة المحدودة. هناك اعتراف يعود إلى بداية الإسلام بأن على الحاكم واجبات وكذلك مسؤوليات وأن سلطته تعاقدية. وفي الحقيقة فإن مفهوم التعاقدية الرضائية للحكومة محترم من قبل الشريعة، وهكذا قال لويس: "هناك أساس قانوني وثقافي وأساس مبني على التجربة لنمو الديمقراطية في الشرق الأوسط، إن الأنظمة المستبدة التي نراها في الوقت الحاضر في معظم العالم العربي إنما هي "نتيجة للتغريب والتحديث في المنطقة، وكانت النتائج ذات اتجاهين فأحدهما أنّ التغريب أدى إلى تقوية السلطة السيادية إلى حد كبير، ومن جهة أخرى أضعف أو أزال كل عناصر المجتمع التي أدت في السابق إلى محدودية السيادة، وكانت النتيجة أن أي ديكتاتور معاصر لديه من السلطة أكثر من أي حاكم في الماضي. وهذه الحقيقة الأخيرة تزيد في تفاؤلي بأن هؤلاء الحكام المستبدون للأنظمة الحاكمة ليسوا جزءاً من الثقافة التقليدية. وأن هذا فرض عليهم وجيء بهم من الخارج. وإذا نظروا إلى الخلف لتقاليدهم التاريخية والثقافية والدينية فسيجدون عناصر أفضل بكثير.
وثالثاً قرر لويس بأن العراق تملك نظاماً تعليمياً معقولاً، وأنه كان متطوراً بطريقة واضحة في قضايا المرأة بالمقارنة مع بقية المنطقة. فقد كان التعليم متاحاً للمرأة وكثير منهم أصبحن طبيبات ومحاميات وأستاذات جامعيات وعالمات وموظفات في الإدارة، وهذا أيضاً مصدر أمل للعراق في نظر لويس.
وسئلت المجموعة بعد ذلك إذا ما كانت الصوفية ستكون قادرة على معالجة أحد أهم اهتمامات معظم المسلمين وهو وضعهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي متخلف بالنسبة للعالم الغربي وبالتالي تواجه انتشار الوهابية، فأجاب الشيخ القباني بالمقارنة بين تقليدين: السلوك في بداية القرن العشرين عندما أخذ الوهابيون الريادة من أجل تفسير القرآن الكريم لتحريك المسلمين ضد البريطانيين وكانوا يشهدون انهيار الإمبراطورية العثمانية الذي ترك فراغاً أرادوا ملأه، ومن أجل هذا أرادوا أن يسيطروا على آل سعود ومن خلالهم السيطرة على العالم الإسلامي. ومع ذلك يقول القباني: "الصوفيون نظروا إلى العالم الإسلامي ليس من خلال السيطرة السياسية ولكن من خلال المشكلات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم" وختم قباني قوله ومع نهاية عصر الاستعمار فإن الصوفيين يستطيعون أن يلعبوا دوراً كبيراً في بناء جسور بين الثقافات والمجتمعات والدول المختلفة، ويستطيعون بصفة خاصة أن يجعلوا الإسلام يزدهر دون سيطرة دولة معينة فإذا أعطي الصوفيون الفرصة والتشجيع فإنهم قادرون على تحقيق الكثير بطريقة سلمية."
وعلّق لويس من جانبه على قضايا "الحرية" و"الاستقلال" واصفاً إياها بأنهما "كلمتين مختلفتين تطرح أفكاراً مختلفة، فعندما كان المسلمون تحت الحكم الاستعماري نُظر إلى هاتين الكلمتين على أنهما كلمتان مختلفتان لشيء واحد، والآن وفي الواقع كل هذه الدول التي حصلت على الاستقلال ولكنها تملك حرية أقل من السابق. أوضح لويس أن معنى"الاستقلال" في العادة هو استبدال طغاة محليين أكثر مهارة وأقل تحرجاً بالأسياد الأجانب الإمبرياليين. وبالنسبة للحرية فإن إمام أول بعثة مصرية إلى فرنسا عام 1828م كتب كتاباً عن ملاحظاته، وناقش كيف كان الفرنسيون يتحدثون عن الحرية، وقد وجد ذلك الإمام الأمر محيراً ذلك أن كلمة الحرية كانت في ذلك الوقت مصطلحاً قانونياً وليس مصطلحاً سياسياً، فالإنسان الحر معناه أنه ليس رقيقاً، وعندها أدرك أن ما عناه الفرنسيون بالحرية هو ما فهمه العرب من كلمة "العدل" وأكد لويس على أهمية هذا التمييز في العالم العربي. نحن معتادون على التفكير في الحرية والمعارضة والحرية والاستبداد على أنها أقطاب متقابلة، وفي المفهوم الإسلامي سيكون البديل هو العدل والمعارضة والعدل والطغيان(الاستبداد) على أنها أقطاب متقابلة. فالمفهوم الصحيح لمفهوم العدل أمر غاية في الأهمية لتطوير المؤسسات الحرة في العالم الإسلامي.
وكان السؤال التالي هل يمكن للصوفية أن تستخدم العنف ضد الغربيين إذا أخذنا في الاعتبار أن الصوفيين الشيشان قد استخدموا العنف ضد الروس كما فعل الصوفيون ضد الفرنسيين في شمال أفريقيا وضد الهولنديين في إندونيسيا. وأجاب لويس باختصار: "إن أي أحد درس الصوفية سيوافق أن الصوفية مسالمة ولكنها ليست سلبية، لقد لعب الإخوة الصوفيون دوراً مهماً في الصراع ضد الإمبريالية في شمال أفريقيا والهند والقوقاز، وأكد لويس مع ذلك " إنه من غير المحتمل أن مثل هذا الاحتمال سيظهر مستقبلاً"
وكان آخر سؤال قدم للمجتمعين حول اقتراحات للحكومة الأمريكية لحوار أحسن مع العالم الإسلامي قال لويس ببساطة: "أقترح أن عليهم أن يتحدثوا إلى الشيخ قباني" ومن جانبه حذر الشيخ قباني أن الحكومة الأمريكية في النهاية تعمل مع الوهابيين في كل أنحاء العالم، وبدلاً من ذلك اقترح أن على الحكومة الأمريكية أن تسأل الأشخاص المناسبين للبحث عن علماء معتدلين ويطلبوا منهم الاقتراحات المناسبة لسياسة أمريكا.

الجلسة الثالثة: الإسلام الثقافي وتأثيراته في السياسة الأمريكية.
في هذه الجلسة التي لم يتم تسجيلها حضر ممثلون عن عدد من الوكالات الحكومية الأمريكية وشاركوا بآرائهم في النقاش وفيما يأتي أبرز النقاط:
عبر أحد المشاركين عن انزعاجه من أن معظم إدارات السياسة الخارجية الأمريكية هي أدوات جامدة وغير قابلة للتأقلم مع الاحتياجات الحالية، إن الإدارة ترمي النقود نتيجة الانفعالات لحي أي مشكلة تظهر وهكذا هو الأمر في ظهور مبادرة شراكة الشرق الأوسط (MRPI) في ديسمبر 2002م. لقد خصص الكونجرس مبلغ تسعة وعشرين مليون دولار لمبادرة الشراكة في الشرق الأوسط وأضاف مائة مليون أخرى في عام 2003م بصورة دعم استثنائي طارئ، وقد خصصت عشرة ملايين دولار منها للاهتمام بالإسلاميين. ولمشروع شراكة الشرق الأوسط أربعة أعمدة ثلاثة منها تتعلق بالمساعدات الاقتصادية، فالمفروض في البرامج الاقتصادية أن تتواصل وتقرب المسافات في المعلوماتية أما في المجال السياسي فهدفها أن تقوي "الأصوات الديمقراطية" في الشرق الأوسط كله، وأن تبني إحساساً بالحكم والمحاسبية لنظام الحكم. وهذه شعارات جميلة ولكن نمو معاداة أمريكا في العالم لم يمكن إيقافه بهذه البرامج الدبلوماسية.
واقتبس مشارك آخر من كلام نائب وزير الدفاع بول وولفوتز Paul Wolfwitz والسفير السابق لإندونيسيا "من أجل أن نصف سياسة أمريكا تجاه المسلمين أفضل وصف. فإن الولايات المتحدة لا ترى هذه العلاقة حرباً بين الحضارات بين الغرب والإسلام، ولهذا فإنها حرب كل العالم المتحضر ضد المتطرفين الذين يهاجمون القيم التي يشترك فيها معظم سكان العالم" وتدرك الولايات المتحدة بأنه ثمة فجوة خطيرة بين الغرب والعالم الإسلامي، ويجب أن نقرب الهوة ويجب أن نبدأ الآن. إن الفجوة عميقة وليس ثمة وقت للتأخير، وسواء كنا ناجحين في تضييق هذه الشق الحرج بين الشرق والغرب سيكون عنصراً رئيسياً في تشكيل الصورة.
وهناك نمو في الإدراك بأن الولايات المتحدة سوف تكسب الحرب على الإرهاب، ولكن الحرب الأكثر صعوبة هي "حرب الأفكار" إنها حرب حول التحديث والعلمنة والتعددية الديمقراطية، والنمو الاقتصادي الحقيقي. ولتحقيق نصر في هذا الصراع الأوسط فإن الولايات المتحدة تفهم بأن من الواجب على الولايات المتحدة أن "تعمل لتفهم الوجوه المتعددة للعالم الإسلام" إن كبار أعضاء الإدارة الأمريكية مقتنعون بأن الغالبية العظمي في العالم الإسلامي ليس لهم شأن بالمبادئ التي تعرضها مجموعات مثل القاعدة وطالبان، كما قال وولفوتز وبالعكس تماماً إنهم يعادون الإرهاب ويعادون الإرهابيين ليس فقط الذين يخطفون الطائرات ولكن أيضاً الذين حاولوا اختطاف واحد من أديان العالم العظيمة." ليس لهم علاقة بالذين ينكرون الحقوق الأساسية للنساء أو الذين يسيطرون على عقول الآلاف بالخرافات والكراهية. إن مثاليات الديمقراطية والحرية كانت هي المحرك الأكثر قوة للتغيير في الخمسين سنة الأخيرة، ويجب أن تعطينا الأمل لمزيد من التطور في العالم الإسلامي" وقال المتحدث ليس هناك استراتيجية أخرى تحمل أي معنى للولايات المتحدة.
هناك ثلاث عناصر للحرب على الإرهاب: الأول اصطياد الإرهابيين وهذا يتضمن قوة القانون وتبادل المعلومات الاستخباراتية والانقضاض على مصادر التمويل، وتعني أيضاً مواجهة الدول التي تدعم الإرهاب. والعنصر الثاني هو الأمن الداخلي،والعنصر الثالث هو حرب الأفكار. وهي في المقام الأول حرب أهلية داخل العالم الإسلامي بين المعتدلين والمتطرفين. وتدرك الولايات المتحدة أنها ليست عضواً في العالم الإسلامي وتعترف أنه ليس من مسؤولية أمريكا تقديم وجهات نظر حول العقيدة، وفي الوقت نفسه لا يشك أحد أن للولايات المتحدة دوراً مهماً لتقوم به لأنها تستطيع أن تكون مؤثرة فيما يجري من أمور. إن الولايات المتحدة والأعضاء الآخرين في المجتمع الدولي يستطيعون أن يجعلوا الإرهاب أمراً غير شرعي، والوصول إلى إجماع جولي أن الإرهاب يجب أن يزول وأنها مسألة تتعلق بالقانون الدولي والأخلاقيات مهما كان السبب السياسي وراءه.
ومن الناحية الاستراتيجية تستطيع الولايات المتحدة أن تؤيد الدول التي يقطن فيها مسلمون معتدلون مثل تركيا والأردن والمغرب، وهناك تطورات مهمة في الخليج الفارسي حيث تحدث نقاشات جادة حول الإصلاح السياسي. وفي إيران أيضا ملّ الناس من نظام الملالي الذي لم يعد له رصيد ويرغبون في التغيير. وبينما لا تستطيع الولايات المتحدة التدخل لكنها تستطيع أن تؤيد تطلعات الشعب الإيراني. وزيادة على ذلك سيكون هناك تأثير سيكوسياسي في العالم الإسلامي، إذا كانت إيران قلب العالم الإسلامي الحديث أخذت في تغيير مسارها.
وقد أشار المشاركون إلى أربعة أمثلة تاريخية تستطيع الولايات المتحدة أن تبني عليها بخصوص معركة الأفكار؛ والمثال الأول هو أيضاً حادثة إيديولوجية هي نوع من نفي الشرعية عن الإرهاب شبيهة بالحملة ضد الرق. ففي القرن التاسع عشر أعلنت بريطانيا عدم شرعية الرق بطرق متعددة أولاً بإعلان الحرب على المفهوم وتطور ذلك تطبيق هذا باستخدام القوة البحرية وكذلك من خلال القوة الناعمة: الإدارات الفكرية والأخلاقية والدبلوماسية، وخلال عقد من الزمان ساعد البريطانيون في تغيير طريقة تفكير الناس المحترمين تجاه الرق.
والمثال الثاني هو هزيمة الماركسية اللينينية، وهذه أيديولوجية ظنها البعض موجة المستقبل حيث ولدت حماسة كبيرة وحركت الناس بقوة ولكنها سقطت عندما فشلت في تقديم الفردوس الذي وعدت به. لقد تهاوت عندما وصلت الجرائم التي ارتكبت باسمها إلى حجم ناقض المبادئ التي دعت إليها ولأنها أيضاً واجهت مقاومة قوية واثقة بنفسها. والدرس الذي تعلمناه أن الأيديولوجيات يمكن هزيمتها ونفي الشرعية عنها عندما تفشل.
والمثال الثالث هو صراع الحرب الباردة حول المؤسسات؛ فقد أجاد الشيوعيون في الاستيلاء عليها ولكن الغرب كان لديه الطاقة لرد الهجوم، فقد ساند نقابات العمال الحرة والإعلام الحر والمجموعات الفكرية الحرة التي منعت من الشيوعيين من الاستيلاء عليها. وهذا النوع من الصراع يعد احتمالاً آخر لما نحتاج أن نفعله لمساعدة المؤسسات والهيئات. وبالتعاون مع شركائنا في الغرب وفي كل مكان في العالم تحتاج الولايات المتحدة أن تساعد المؤسسات الخاصة والهيئات وكل أولئك الذين يقفون معنا في هذا الصراع.
والجبهة الرابعة التي تهدف إليها الولايات المتحدة هي الإصلاح: السياسي والاقتصادي والتعليمي وتهدف مبادرة الولايات المتحدة الجديدة جمع أكثر من بليون تقدمها الولايات المتحدة مساعدات للدول الإسلامية الصديقة سنوياً. وقد اقترح الرئيس الأمريكي مبادرة التجارة الحرة للأسباب نفسها. وأكد المشاركون أيضاً أن العالم يواجه مسؤولية كبرى وفي مساعدة أصدقائنا الذين يؤيدون الملايين الذين يعادون التطرف والذين هم في الواقع ضحايا التطرف. فالتاريخ يقف بجانب الحرية والتسامح والتحديث والديموقراطية ويتطلب الشجاعة والإصرار والقوة منّا جميعاً. ونستطيع أن نعتمد على هذا النوع من القناعة التي ستقود إلى النصر.
وقد ركزت الحلقة الأخيرة على أواسط آسيا كأفضل منطقة لبدء معركة الأفكار في هذا الصراع على الوجود.. إن الإصلاح الديمقراطي والاقتصادي أمور أساسية لاستقرار طويل الأمد حيث إن الناس الذين ليس لديهم فرصة للمشاركة في الحياة المدينة أو الحق في ممارسة دينهم علنا وبحرية في بلادهم سيتجهون إلى السرية. وقال المشاركون إنه في الحقيقة هذا هو بالضبط ما يحدث اليوم في أواسط آسيا. فبينما تسبب الاضطهاد الأول في استمرار تلك الحركات السرية وربما قدم المساحة لهذه الأنظمة لتقدم استراتيجيات بناءة فإنهم أكدوا بأن هذه النافذة قد أغلقت إن "أنظمة الحكم في أواسط آسيا تزداد وحشية."
ماذا تستطيع الولايات المتحدة أن تعمل في هذه المسألة؟ أولاً تحتاج أواسط آسيا أن يعاد تعريفها بثقافاتها وتفسيراتها التقليدية الإسلامية بدلاً من الإيديولوجيات المستوردة، فالولايات المتحدة لا تستطيع أن تدرب الأئمة المحلين والتي هي نقطة البدء المهمة ، ولكنها تستطيع أن تقدم مساعدة بتقديم تعليم (علماني) أساسي. وتستطيع الولايات المتحدة أن تساعد بالمحافظة على المزارات الدينية والمخطوطات وربما كانت المساعدة الأهم هي أن تقدم مساحة سياسية للمؤسسات الخاصة للقيام بمسؤولياتها.
وفوق ذلك كله فإن تركيا بصفتها واحدة من دولتين ديمقراطيتين في الشرق الأوسط وعضو في حلف شمال الأطلسي فيجب فهما بطريقة أفضل حتى يمكن أخذ الدروس لتطبيقها في أواسط آسيا. لقد أوجد المجتمع التركي طريقة للسماح لحرية التدين وفي الوقت نفسه محاضرة التيارات المتطرفة. وبينما لا يمكن تطبيق الأنموذج الكمالي تماماً في جميع الأقطار مثل تعليم المبادئ الأساسية للإسلام في المدارس العلمانية حتى يصبح لدى الناس المناعة من التفسيرات المتطرفة.

[ Next Thread | Previous Thread | Next Message | Previous Message ]


[ Contact Forum Admin ]


Forum timezone: GMT-8
VF Version: 3.00b, ConfDB:
Before posting please read our privacy policy.
VoyForums(tm) is a Free Service from Voyager Info-Systems.
Copyright © 1998-2019 Voyager Info-Systems. All Rights Reserved.